تبدو أجسادنا لأعيننا المجردة وكأنها كيان واحد لا يتغير إلا مع مرور الزمن وتقدم العمر. فأنت تنظر إلى وجهك في المرآة كل يوم فترى ذات الوجه، وتنظر إلى جسدك فترى نفس الجلد والهيئة، فتفترض أن ما تراه اليوم هو هو الجسد ذاته الذي حملك كل هذه السنوات أو عشرات السنوات. غير أن هذا الجسد وأعضاءه جميعاً ليسوا قطعة واحدة ثابتة، فكل قطعة تتكون من ملايين الخلايا. هذه الخلايا تتكون وتعيش على ما يأتيها من غذاء وهواء. ومن ثم فإن طعامك يصنع خلاياك، أي يصنع جسدك. والحكمة القائلة أن الإنسان هو ما يأكله تكاد أن تمثل حقيقة علمية لا مجرد مجاز. بل والأعجب أن طعامنا لا يصنعنا فقط على المستوى المادي. فبالإضافة لكون "العقل السليم في الجسم السليم" وتأثر حالة الإنسان المعنوية بحالته الصحية الجسدية، فهنالك تجربة مدهشة تكشف عن احتمالات مخبوءة من صلة ما نأكله بحياتنا الوجدانية. ففي هذه التجربة راقب العلماء مجموعتين من الديدان، تعلمت إحداهما دون الأخرى بعض الخبرات السلوكية. ثم أكلت ديدان لم تتعلم هذه الخبرات أخريات تعلمنها. وكانت المفاجأة أن الديدان الآكلة اكتسبت هذه الخبرات السلوكية ذاتها بعض أن هضمت أختها الدودة، أي أن الخبرة السلوكية انتقلت للدودة عن طريق خبرة الكائن الذي أكلته! والتجربة تثير من الأسئلة أكثر مما تثير من الأجوبة والحقائق المؤكدة. فلنا أن نتساءل بعد ذلك عن تأثير أكل حيوانات تم تعرضها للقسوة أو لظروف معيشية سيئة على من يأكلها! تصور أن تأكل دجاجة عاشت عمرها كله في أقفاص ضيقة لا تستطيع التحرك بحرية بهدف تسمينها! لعلك تأكل مع هذه الدجاجة تجربة القهر والحبس وعدم القدرة على الحركة والإنجاز! أو لعلك تأكل لحماً لحيوان كانت آخر خبرته بالحياة رؤية حيوان آخر يذبح أمامه، فانتهى لحمه في بطنك مخلوطاً بهرمونات الخوف والتشاؤم!
أما عن الخلايا، فإن خلايا الجسد لا تزيد، لكنها تموت ويتم إحلالها. فالتجدد أو التجديد عملية حيوية ضرورية لحياة الجسد على مستوى الخلية، تماماً كأهميتها لحياة النفس الإنسانية! فسطح الجلد الخارجي يتم تغييره كلياً كل شهر. ويتم تجديد كل خلية في عضلة القلب كل شهرين. حتى خلايا العظم تتجدد كل حوالي ثلاثة أعوام أو أقل. ومن ثم فإنك تكاد أن تحصل على جسد جديد كل ثلاثة أعوام!
أما لماذا يبقى حال صحتك على ما هو عليه؟ لأنك لم تغير ما تعطيه لخلاياك من مواد البناء، فتأتي الخلايا الجديدة وتكرر سيرة وحياة الخلايا القديمة! وهذا حديث طويل ومتعدد الجوانب بدأنا من أجله هذه المدونة!
كنت قريت من فترة عن تأثير الحيوانات اللي بناكلها على شخصياتنا .. وحسيت إن فيه رابط بينها وبين قول الرسول إننا نأكل الجمال ! الله أعلم إن كان هذا ما يقصده أو شىء أخر !
ردحذفطبعا كل ده بعيدا عن إسقاطك في موضوع الدجاج المحبوس داخل القفص :(
وهناك كذلك توجيهات نبوية يا كريم بعدم ذبح حيوان أمام حيوان آخر، والأمر النبوي أن "نريح الذبيحة" وأنا أعتقد أن دلالات هذه الأوامر النبوية قد يكون لها صلة أيضاً بتأثير ما نأكله علينا إلى جانب الرحمة بالحيوان
ردحذف