الخميس، ٢١ محرم ١٤٣١ هـ

طويل العمر

هنالك مجتمعات معروفة على سطح الكرة الأرضية تتميز بارتفاع أعمار قاطنيها وتمتعهم بشيخوخة صحية تقل فيها نسبة المعاناة من مظاهر التدهور الجسدي الملازمة للتقدم في العمر والتي تعرفها أكثر المجتمعات. وتسعى بعض الدراسات إلى مراقبة هذه المجتمعات ودراسة أسباب تمتعهم بشيخوخة أصح وبعمر أطول. والنظر في ما تخلص إليه هذه الدراسات يشير بالفعل إلى أسباب وجيهة لتحسين الحالة الصحية ونوعية الحياة مع التقدم في العمر.

نحن نؤمن أن الأعمار بيد الله، وأن لكل أجل كتاب. غير أن الإيمان بأنه لا تدري نفس بأي أرض تموت يختلف تماماً عن الاستسلام للذبول والمرض كقدر لا مفر منه مع التقدم في العمر. فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وطالما أعطانا الله عمراً، أفلا يصبح من واجبنا أن نحيا هذا العمر عاملين منتجين ومساهمين في تحسين الحياة؟ إن تقدم العمر يراكم معه الخبرات والحكمة، ومن ثم فإننا أحوج إلى شيوخ أصحاء منا إلى شيوخ يمضون أيامهم قعيدوا الفراش بدعوى "حسن الختام"! ومما أثار تأملي عند معرفة سيرة بعض صحابة النبي أن منهم من قتل محارباً وهو فوق التسعين! فهنالك أوهام كثيرة في مجتمعاتنا تحاول أن تجعل من الاستسلام للمرض والوهن في الشيخوخة ميراثاً دينياً محموداً!

أما ما يتميز به أسلوب حياة الناس في تلك المجتمعات التي تتمتع بشيخوخة أصح فيمكن إيضاحه في المظاهر التالية:
  • النشاط البدني الدائم في الحياة اليومية وبعيداً عن أي ممارسات رياضية مقصودة. فالناس في هذه المجتمعات يمشون بصفة مستمرة ولا يعتمدون كثيراً على الأدوات العصرية التي تقلل من حركة الإنسان في قضاء حاجاته. كما أن ممارستهم للتريض تنحصر في التريض الترفيهي الذي يستمتع به الإنسان، وذلك في مقابل الرياضة الآلية، التي تركز على الجسد كأداة يتم تشكيلها وتحسين أدائها بالرياضة!
  • أسلوب الحياة الهاديء البطيء والبعيد عن التوتر والقلق النفسي.
  • وضوح الهدف ووجود معنى واضح للحياة. فهم يعرفون لماذا يقومون من فراشهم كل صباح!
  • يغلب على طعامهم الغذاء الخارج من الأرض دون أن يكونوا نباتيين تماماً.
  • عند بعضهم ميراث ثقافي يحض على التوقف عن الطعام قبل الشعور بالامتلاء. وهو ميراث ثقافي حي يذكرون أنفسهم به عند كل وجبة، وليس ميراثاً ثقافياً يستخدمه وارثوه لمجرد التشدق بعظمته وهم غافلون عن العمل به في حياتهم الشخصية!
  • وجود حياة اجتماعية قوية وأصدقاء كثيرين يصاحبون بعضهم البعض لعقود طويلة.
  • الصحبة الطيبة! فحينما تعيش وسط أصدقاء ومجتمع تغلب على أعضائه هذه الخصال والأفعال يكون من السهل اتباع نفس النهج.

Share/Bookmark

هناك تعليقان (٢):

  1. مقال جيد واتمنى ان تستمر في مثل هذه المقالات التي تؤتي ثمارها بالفعل وخصوصا في مثل هذه الايام

    جزاك الله خيرا

    ردحذف
  2. شكرا يا جهاد على المتابعة وأرجو بالفعل أن هناك بعض الفائدة بإذن الله

    ردحذف