الاثنين، ٢٥ يناير ٢٠١٠

الصحة والعلم

قد تنحصر فكرة البعض عن الصحة وشئونها في رجل يرتدي معطفاً أبيض اللون ويعلق حول رقبته سماعة طبية! فشئون الصحة وفقاً لهذا التفكير تنحصر في وجود آلام أو متاعب في الجسم يتبعها ذهاب إلى الطبيب، والطبيب هو قرآن المرض والدواء. والصحة تتأتى بعد ذلك باتباع وصفة الطبيب وابتلاع بعض الحبوب أو التخلص من قطعة مزعجة من أجسادنا عن طريق جراحة! هذه المفاهيم في الواقع هي عدو للصحة.

للأسف يكاد الطب حالياً أن ينحصر في معالجة الأزمات حينما تنشأ. وأكثر هذه الأزمات والأمراض هي في الواقع نتاج ممارسات حياتية خاطئة، أي أنها نتيجة مباشرة للجهل. والمتفق عليه أن أشد الأمراض ومنها السرطان هي في أغلب الأحوال نتاج تراكمات مضرة، وأنه كان من الممكن تفادي المرض في كثير من الأحوال لو غابت العادات الحياتية والغذائية المسببة للمرض. فهنالك على سبيل المثال مواد معروفة تدخل في غذائنا متفق على كونها مواد "مسرطنة". ومع ذلك فأكثر الناس على غير علم بهذه الأشياء البسيطة التي قد تجنبهم كثيراً من المتاعب والمشقات والآلام لو أنهم فقط تعلموها وعملوا بها.

المفتاح في هذه الكلمات: "على غير علم"! إن كثيراً من الناس "يستطيعون" القراءة، لكنهم "لا يقرأون". أو أنهم يقرأون في أمور نظرية قد لا تمس حياتهم وضروراتها. والتعلم عن الصحة ضرورة لا رفاهة. فالإنسان الذي أنقذه القدر من الأمية - في مجتمعات تحرم جحافل من البشر فيها من تعلم القراءة والكتابة - عليه مسئولية تجاه نفسه وتجاه أسرته أن يبحث عن المعلومات الأساسية التي تمس شئون الصحة. وأرى أن مسئولية هذا التعلم تقع بشكل أكبر على المرأة، فالمرأة في أكثر الأحوال هي مدبر أمور الطعام والغذاء في بيتها. لا عجب إذن أن نرى إلى أي منحدر تسير الشعوب التي تحاول إبقاء نسائها بين جدران البيوت وخلف قضبان الجهل!

وما أقرب وأيسر العلم في هذا الزمن. فنحن إن مللنا من القراءة في كتاب، بحثنا عن علم مسموع أو مرئي، متاح في تلفاز وراديو وانترنت. وفيما يتعلق بشئون الصحة كما في جوانب العلم الأخرى، فإن طبع الإنسان عادة ألا يستجيب فوراً للعلم بالعمل. وقد نظن لذلك أننا لا ننتفع بما نتعلم. لكن النسيان من حقائق الإنسان، ولذلك فنحن في حاجة للتذكير وإعادة المعلومة مرة ومن ورائها مرات. إن كثرة تكرار المعلومة من شأنه مع الوقت أن يؤثر في سلوكنا وأفعالنا بشكل تدريجي طبيعي. إنك إن أكثرت القراءة عن خصائص وفوائد الخضروات مثلاً فإن طعامها سوف يصبح أقرب لنفسك وأشهى مع مرور الوقت. ولو أكثرت القراءة عن فوائد شرب الماء وعواقب الإقلال منه فسوف تنبت في نفسك عادة الإكثار من شرب الماء دون مجهود منك.

ولكل لذلك فإن العلم والتعلم هما الدواء الأول في وصفة بناء الفرد لصحته بناءً أسلم وأمتن وأظهر جمالاً.

Share/Bookmark

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق